وكالة رم : "الشعبانية" .. وليمة كبار العائلة تعزز صلة الرحم وتسر القلوب
Source: RumOnline.net
رم - منى أبوحمور
مع بدء غرة شهر شعبان، تستذكر الستينية جميلة عليان ليالي هذا الشهر المبارك المليئة بالعبادات والولائم وصلة الأرحام، وإلى جانب مكانته الدينية، فقد كان فرصة لالتقاء أرحام العائلة وقضاء أوقات سعيدة معا.
سنوات طويلة مضت على ولائم شعبان التي اعتادت عليان على حضورها برفقة أخواتها وبنات أعمامها وعماتها، واليوم أصبحت ذكريات تقصها على أحفادها وبناتها، والحنين يشدها بقوة إلى تلك الأيام واللمات.
"يا حيالله بشعبان وخيره ولمة الولايا في بيت العيلة"، تتباهى سجود محمد، بأنها ما تزال إلى اليوم تتلقى دعوة "الشعبانية"، وليمة شعبان من والدها الذي يحرص في كل عام على جمع بناته وزوجات الأبناء والأحفاد، ليمضوا يوما كاملا في بيت الأهل.
وأكثر ما يميز هذه الوليمة بحسب سجود، هو الفرحة الحقيقية التي تراها على وجه والدها عند رؤية بنات العائلة حوله، مؤكدا في كل مرة أنهن نور البيت وحلقة وصله إلى الجنة وأبرك أيام السنة عند رؤيتهن سعيدات.
وبتباه كبير أيضا، تفخر ليلى أمام عائلة زوجها، من خلال دعوة خالها السنوية على وليمة شعبان رغم تقدمه في العمر وكبر العائلات، إلا أنه ما يزال يحرص على جمع أخواته وبناتهن في الشبعانية استمرارا لنهج والده الذي لم يمر شهر شعبان من دون أن يجمع نساء العائلة.
في حين، تفتقر كثير من الأسر إلى اللمات العائلية والولائم التي حرص الآباء والأجداد عليها في شهر شعبان وسط انشغال الكثيرين في ظروف الحياة الاقتصادية الصعبة وإمتداد العائلات وكثرتها.
وفي كل شعبان، تستمع حنان سليم إلى قصص زميلاتها في العمل والفرحة تملأ وجوههن عند تلقيهن دعوة شعبان من آبائهن وأخوالهن، مستهجنة بالوقت ذاته، سبب غياب هذه العادة الاجتماعية في عائلتها.
وتلفت سليم إلى أن وجود مثل هذه الولائم السنوية هي فرصة لالتقاء جميع بنات العائلة، ولا سيما أن كل واحدة تزوجت وأصبحت مشغولة بحياتها وعائلتها وتعتبر هذا اليوم بمثابة استذكار لأيام العائلة والطفولة.
العلاقات الاجتماعية مهمة للفرد والأسرة والمجتمع، وقوة هذه العلاقات دليل على صحة المجتمع ومنعته بحسب الاستشاري الأسري مفيد سرحان، لافتا إلى أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الآخرين في كل الظروف، ومهما كان وضعة الاقتصادي أو درجته العلمية. فالحاجات الإنسانية كثيرة ومتعددة وهي ليست مادية فقط.
وصلة الرحم واحدة من أشكال العلاقات الاجتماعية، التي حث الإسلام عليها وهي واجبة شرعا، وهي أيضا ضرورية لزيادة اللحمة والتكاتف والتماسك بين الأقارب، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله".
وتسهم صلة الرحم بحسب سرحان، في زيادة قوة المجتمع ومنعته، وإشاعة روح المحبة والألفة بين الأقارب، وهي صورة من صور التكافل والتعاون المادي والمعنوي بين الأرحام ودليل على حسن التعامل مع الآخرين.
ويلفت سرحان، إلى حرص الكثير من العائلات في شهر شعبان الذي يسبق شهر رمضان المبارك على إقامة ولائم شعبان التي يجتمع فيها عدد كبير من أفراد الأسرة الكبيرة "الممتدة"، حيث تسعى بعض العائلات على حفظ هذا التقليد السنوي الذي توارثته عن الآباء والأجداد.
من جهة أخرى، يشير سرحان إلى أن الالتزام بهذا التقليد ليس كما كان في السابق، ولعل ذلك يعود إلى ضعف العلاقات الاجتماعية عند الكثيرين والظروف الاقتصادية وتباعد أماكن السكن، مما يصعب الوصول ويرفع من تكلفته.
ومثل هذا السلوك الإيجابي يعزز أواصر صلة الرحم بحسب سرحان، خصوصا مع الإناث وهو صورة من صور التكافل الاجتماعي ويعمق المحبة والألفة بين أفراد العائلة الكبيرة.
ويقول: "هذه الولائم تترك أثرا إيجابيا في نفوس الجميع، وخصوصا نساء العائلة اللواتي ينتظرن مثل هذه المناسبات التي تجمعهن مع بعضهن البعض"، خصوصا أن كثيرا من العلاقات بين بنات الأعمام والأخوال تضعف بعد الزواج.
ويفرح لهذه اللقاءات أيضا الصغار من أفراد العائلة، حيث يتعارفون أكثر ويلعبون معا وهي بالنسبة لهم فرصة للالتقاء بأفراد العائلة الكبيرة في وقت واحد وهم يحبون "الجمعات" الكبيرة وأجواؤها.
وتعزز هذه الولائم للصغار بحسب سرحان، عادات التواصل مع الأجداد والأعمام والعمات والأخوال والخالات وهي تربية بالقدوة والممارسة، وينقلون هذه العادات إليهم في المستقبل.
ومن فوائد لقاء العائلة في شهر شعبان، انه يهيئ النفوس لاستقبال شهر رمضان المبارك ويشعرها بقرب قدوم ضيف عزير يجب الاستعداد لاستقباله، كما يساهم في تقوية العلاقات وتجاوز الخلافات الأسرية، ويشعر الجميع أنهم مقدمون على موسم من مواسم الخيرات.
ومع كل ذلك، فإن هذا النوع من الولائم وبسبب تفاوت الإمكانيات المادية قد لا يكون بمقدور الجميع إقامتها، لأنه يتطلب نفقات إضافية. وحرصا على التقاء أفراد العائلة وتحقيق ما في ذلك من إيجابيات كثيرة، فإنه يمكن أن يتعاون الإخوة جميعا في تنظيم وليمة واحدة أو لقاء واحد بحسب إمكانياتهم. وفق سرحان.
ويتابع، يمكن لمن لا يستطيع أن يقيم وليمة أن يكتفي بـ"لمة" الأسرة الكبيرة واجتماعها معا وتقديم الضيافة حسب الإمكانيات، لأن الهدف الأساس هو إشعار الآخرين بالمحبة والمسؤولية تجاههم، وأن حسن العلاقة معهم هي من رضا الله تعالى.
ويؤكد أن العلاقات الأسرية والاجتماعية لا يجب أن تكون سببا في زيادة الإنفاق وتحميل الأسرة أكثر مما تطيق، أو اضطرارها إلى الاستدانة، مما يؤثر على استقرار الأسرة وحاجاتها الأساسية، لأن ذلك سيجعل منها عبئا ثقيلا، خصوصا على ذوي الدخل المحدود. ويضيف، شهرا شعبان ورمضان فرصة لمزيد من التواصل الاجتماعي، فإنه من الضروري إدامة التواصل خلال العام سواء باللقاء المباشر والاجتماع أو بالتواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذا تعذر اللقاء خلال فترات قصيرة، نظرا لأهمية العلاقات الاجتماعية وأثرها على الجميع.