مرشحة بايدن لمنصب السفيرة الأميركية في العراق تستبق استلام مهامها بمهاجمة إيران وميليشياتها | | صحيفة العرب
Source: صحيفة العرب
Author: Al Arab العرب
بغداد - أثارت تصريحات لدبلوماسية أميركية رشحتها إدارة الرئيس جو بايدن لشغل منصب سفيرة للولايات المتحدة في العراق خلفا للسفيرة الحالية ألينا رومانوسكي غضب الأحزاب والفصائل العراقية المسلحة المعروفة بقربها من إيران، وأحرجت حكومة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني المدينة بتشكيلها والاستمرار في عملها لتلك الأحزاب والفصائل نفسها.
وهاجمت المرشّحة لمنصب السفيرة تريسي آن جاكوبسون إيران والميليشيات العراقية الموالية لها، وقالت في كلمة لها أمام لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية إنّ "إيران ممثل خبيث في العراق ومزعزع لاستقرار المنطقة وندرك أن التهديد الرئيسي للبلد هو الميليشيات المتحالفة مع إيران".
وزادت جاكوبسون من إثارة حفيظة مكونات المعسكر الإيراني في العراق، بحديثها عن مهمّة القوات العسكرية لبلادها على الأراضي العراقية، كاشفة عن عدم وجود أيّ نيّة لواشنطن لسحب تلك القوات استجابة لمطالبة القوى الشيعية ذات النفوذ الكبير في حكومة السوداني.
ووضعت تصريحات المرشحة لمنصب السفيرة الحكومة العراقية في موقف محرج كونها مضطرة لمسايرة الأحزاب والفصائل التي تمثّل مظلّتها السياسية عن طريق الإطار التنسيقي الشيعي المشكّل من قوى مقرّبة من إيران.
ويمكن للحرج أن يتحوّل إلى سبب لتوتير العلاقة واشنطن وبغداد في حال اضطرت الأخيرة لرفض قبول اعتماد جاكوبسون سفيرة للولايات المتّحدة في العراق، وهو أمر يصعب أن تقبل به إدارة بايدن من جهتها إذ سيُحدث سابقة تتمثل في التدخل الخارجي العلني والمباشر في اختيار السفراء والأميركيين.
وبدأت الدعوات توجّه للحكومة العراقية ولرئاسة الجمهورية بعدم القبول بجاكوبسون كسفيرة للولايات المتحدة في العراق.
ودعا حزب اقتدار وطن (شيعي منشق عن تيار الحكمة بقيادة عمار الحكيم) إلى عدم استلام أوراق اعتماد السفيرة الجديدة. وقال علي العطواني المتحدث الرسمي باسم الحزب إنّ تصريحات جاكوبسون تعدّ تدخّلا في شؤون العراق وتجاوزا لكل الأعراف الدبلوماسية. وأشار في تصريحات صحفية نقلتها الاثنين وسائل إعلام محلية إلى أنّ المرشحة لمنصب السفيرة استخدمت لغة الوصاية على العراق، واصفا إفادتها أمام لجنة مجلس الشيوخ بالبعيدة تماما عن حدود مهامها كسفيرة، ومعتبرا أنّه "ليس من حقها أن تقيّم الحالة الأمنية في العراق إذ أن التعامل مع الإرهاب هو شأن العراق".
كما رأى العطواني أن "حديث جاكوبسون الذي تجاوزت به على الحشد الشعبي مرفوض تماما"، داعيا الحكومة "إلى مواجهة تصريحاتها بردّ حاسم".
ومنذ يناير الماضي أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن نيته ترشيح تريسي آن جاكوبسون لمنصب سفيرة فوق العادة ومفوضة للولايات المتحدة لدى جمهورية العراق بدل ألينا رومانسكي.
وقالت المرشحة في كلمتها الافتتاحية أمام لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية إنّها ستعمل بشكل وثيق مع اللجنة لتعزيز المصالح الأميركية في العراق.
وأضافت في كلمتها "إذا تم تأكيد تعييني ستكون أولوياتي القصوى حماية المواطنين الأميركيين وتعزيز شراكتنا الثنائية لدعم إستراتيجياتنا ومصالحنا المشتركة".
وأشارت إلى خبرتها السابقة كسفيرة لبلادها في تركمانستان وطاجيكستان وكوسوفو، وكذلك كقائمة بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة في إثيوبيا، مؤكدة أن هذه التجارب جعلتها أكثر تأهيلا لتعزيز المصالح الأميركية في العراق.
وفي ما يتعلق بالأمن، شددت جاكوبسون على أهمية تعزيز استقرار العراق وأمنه وسيادته، لافتة إلى أن تنظيم داعش ما يزال يشكل تهديدا في المنطقة.
وأضافت "يقدم جيشنا دعما حيويا لقوات الأمن العراقية والبيشمركة في إقليم كردستان. وبعد عشر سنوات من عودة قواتنا إلى العراق لمحاربة داعش، حان الوقت لجيشنا أن ينتقل إلى دور جديد. وسأضمن أن يكون أيّ انتقال من عملية العزم الصلب إلى ترتيب أمني ثنائي موجه نحو هزيمة داعش وضمان أمن العراق".
ويعني تشبّث السفيرة الجديدة بأنّه ما يزال للجيش الأميركي دور يؤديه في مواجهة الإرهاب في العراق، ثبات واشنطن على موقفها بشأن عدم سحب ما بقي من قوات هناك وذلك بالضدّ من إرادة الأحزاب والفصائل الشيعية التي تحاول بكل ما أوتيت من قوة النفوذ دفع حكومة السوداني الى اتخاذ موقف حاسم بشأن إخراج تلك القوات من البلاد.
وتعلم واشنطن أن إنهاء وجودها العسكري في العراق بشكل كامل، يعني إخلاء الساحة أمام إيران وميليشياتها، وجعل خطّ طهران - بغداد - دمشق - بيروت سالكا بشكل كامل أمام تدفّق الأسلحة والمقاتلين عبره.
وأكدت جاكوبسون على أهمية تعزيز العراق لعلاقاته مع جيرانه مثنية على خطوات السوداني في هذا الاتجاه. وأشارت إلى أن وجود حكومة قادرة على تحريك التنمية الاقتصادية وتقديم الخدمات يقلل من خطر الإرهاب ويحدّ أيضا من نفوذ الميليشيات المتحالفة مع إيران والتي تشكل خطرا كبيرا على مستقبل البلاد.
وفي سياق حديثها بالغ السلبية عن الدور الإيراني في العراق، قالت السفيرة المرشّحة إنّها ستستمر في دعم إجراءات الخزانة الأميركية لتحديث النظام المصرفي العراقي وإنها لن "تسمح لإيران باستخدام الغاز الضروري لتوليد الكهرباء كسلاح ضد العراق".
وأكّدت على التزامها بتعزيز القطاعات الحيوية مثل الطاقة والمصارف بهدف تحقيق استقلالية العراق وحمايته من التدخلات الخارجية، وربطه بالنظام العالمي لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
كما حذرت جاكوبسون مما سمّته "نوايا إيران الشريرة ودورها المستمر في تعكير الأوضاع الأمنية في المنطقة"، مؤكدة أن "الميليشيات المدعومة من إيران تشكل خطرا كبيرا على استقرار العراق وأنها ستعمل بكل الوسائل السياسية المتاحة للتصدي لهذا التهديد وتحجيم النفوذ الإيراني".
وردّت الميليشيات الشيعية بغضب على تصريحات جاكوبسون، ولم تستثن حركة النجباء من انتقاداتها "السياسيين العراقيين لانجرارهم وراء المطامع والانتهاكات الأميركية".
وقال علي الأسدي رئيس "المجلس السياسي" للحركة مخاطبا السفيرة المرشّحة عبر منصة إكس "عليك أن تعي وتعلمي أن الأيام بيننا ولن تكون صفعاتنا القادمة إلا على الأنوف، وسترين لمن الكلمة الفصل".
واتهم الأسدي السياسيين العراقيين "بالتخبط والانجرار وراء المطامع والانتهاكات الأميركية، والتغافل عن حماية سيادة العراق واستقلاله".
من جهتها لم تر الحكومة العراقية بدّا من مسايرة موقف الأحزاب والميليشيات الشيعية من تصريحات مرشحة بادين لمنصب السفيرة. ووصف خالد اليعقوبي المستشار الأمني لرئيس مجلس الوزراء العراقي حديث جاكوبسون بأنه لا يتناسب ومهامها الدبلوماسية.
وقال في تعليق عبر منصّة إكس "استمعنا لجلسة الاستماع الخاصة بالمرشحة لموقع سفيرة الولايات المتحدة في العراق وما فيها من عدم فهم واضح للعراق الجديد المتعافي وتدخل في شؤونه الداخلية والإساءة إلى جيرانه".
وأضاف "على السيدة المرشحة أن تعي حقيقة واضحة أن جملة ما تحدثت به لا يتناسب ومهام عملها الجديد وأن مهمتها المرتقبة محددة بالاتفاقات والمعاهدات الدولية الواضحة".
وتابع "نتطلع إلى أداء يعزز العلاقة الجيدة بين البلدين خصوصا وأننا مقبلون على علاقات ثنائية تصون التضحيات العظيمة التي قدمت للانتصار على الإرهاب".